تبرع
مؤسسة لجان العمل الصحي
Health Work Committees
عربي  |  En  |  Es
الرئيسية » رسالة لجان العمل الصحي »  

رسالة اللجان

إن مؤسسة لجان العمل الصحي تؤمن بأن الصحة حق أساسي لجميع المواطنين والمواطنات وهو حق لا يختلف باهميته عن أية حقوق أساسية أخرى، ونرى أن الحقوق هي وحدة واحدة لا تتجزأ، متصله ومترابطة، فإذا تم تعزيز حق في مجال فهو يعززه في مجال أخر، وإذا تم إنتهاك حق في مجال فهو ينتهك بالضرورة حقوق أخرى في باقي المجالات.

ونرى كذلك أن الصحة كحق أساسي، هي عملية شمولية ترتبط بصورة عضوية بعملية النهوض السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتنمية المجتمعية والتحرر والاستقلال في إطار ترابط الحلقات، وفي إطار نظام سياسي ديمقراطي محكوم بسيادة القانون والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، ذلك أن المناخ الذي يوفر شروط تحقق تطبيقات الصحة العامة كعملية شمولية مترابطة الحلقات، بما يحقق القدر الكافي من الخدمات الصحية للمواطنين عموماً، وللشرائح الفقيرة خصوصاً.


إن التطور الحاصل في إعمال الحق في الصحة وفق المواثيق الدولية يعطي الإدراك العام لأهمية التعاطي مع هذا الحق بشموليته وبعوامله الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية كمحددات هامة ومؤثره فيه. فعلى سبيل المثال لا الحصر شهد عقد التسعينيات تحولاً إرتقى بفهوم الحق في الصحة وتم تقريبه على صعيد التنفيذ من الحقوق المدنية والسياسية وأصبحت قابلية تقديم شكاوى ضد الدولة إرتباطاً بالحق في الصحة ضمن الفهم الشمولي لهذا الحق كأمر متاح، فضلاً عن مساءلة القطاع الخاص (التجاري) فيما يتصل بأنشطته المرتبطة بإعمال الحق بالصحة.


وعلى الصعيد الفلسطيني نرى أن الاحتلال معوق رئيس في طريق تمتع الفلسطينين باعلى مستوى ممكن من الصحة يمكن بلوغه، وذلك بسبب ممارساته التي تقوض فرص العيش الكريم، وتحد من قدرة المواطنين والمواطنات في التنقل لتلقى العلاج والوصول إلى المرافق الصحية وخير مثال على ذلك حرمان شريحة لا بأس بها من المواطنين/ات من الوصول إلى القدس لتلقى العلاج في المستشفيات العربية فيها بذرائع أمنية، والمثال الأخر هو حرمان الغزيين من التنقل عبر المعابر الخاضعة لسيطرة الاحتلال لتلقى العلاج في الضفة الغربية أو خارج البلاد، وترصد المنظمات الدولية الإنتهاكات هذه بشكل دائم. ورغم أهمية الرصد إلا أننا نؤكد أن المجتمع الدولي ما زال يبذل جهداً متواضعا خجولاً في تناول الأمر وفضحه ووقفه. مع

فهمنا وإدراكنا أن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية وتوفر الخدمات الصحية والأدوية وخدمات الطوارئ وغيرها أمر لا يمكن المساس به حتى في ظل الاحتلال، ويقع على النظام الاحتلالي توفير الخدمات الصحية للمواطنين/ات القابعين تحت نيره.
إننا كفلسطينين ووفق وثيقة الاستقلال والقانون الأساسي ألزمنا أنفسنا بالإعتراف بالمواثيق الدولية والعمل بما جاء في متنها دون إبطاء، وهذا يوجب على الدولة الفلسطينية وضع ذلك حيز التنفيذ، فوفق المواثيق والعهود الدولية لا يمكن للدول أن تبرر إخفاقها في إحترام الحق في الصحة إستناداً لـ "سوء أوضاعها المالية" بل يتوجب عليها أن تكفل الحق في الصحة إلى أقصى حد تسمح به مواردها المتاحة فضلاً عن أن بعض الإجراءات التي تخدم إعمال هذا الحق غير متصلة بالموارد المالية مثل التشريعات وعدم التمييز المتعلق بالصحة، أكان من خلال القانون أو عبر الممارسة العملية.


وعليه فإن المطلوب من دولة فلسطين الإلتزام بإتخاذ تدابير وسياسات تلائم تمكين الفئات المختلفة من الحصول على حقها في الصحة وفق ما جاء في المواثيق والعهود الدولية، كالعهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. ويمكنها الإسترشاد بتعليقات اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عام 2000 رقم 14 والذي يقدم تفسيراً لما هو مقصود بالحق في الصحة والتي تعتبر معايير تبين إعمال الحق في الصحة. وتشمل:


1- التوافر: ويعني عنصر التوافر أن على الدولة العمل على توفير المرافق المعنية بالصحة والرعاية الصحية واالبرامج الصحية، على أن تتضمن المقومات الأساسية للصحة مثل مياه الشرب النظيفة والمرافق والمستشفيات، والعيادات الطبية، والكوادر الصحية والفنية والإدارية المؤهلة والمدربة، والأدوية الأساسية حسب المعايير الدولية.
2- إمكانية الوصول : أي أن يتمتع الجميع، بدون تمييز، بإمكانية الإستفادة من المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة في الدولة. وكذلك إمكانية الوصول من خلال الأبعاد المترابطة التالية:
ا. عدم التمييز: ضمان أن يتمتع الجميع بإمكانية الإستفادة من الخدمات والسلع الصحية بما فيهم الفئات الضعيفة والمهمشة دون تمييز على أي أساس.
ب. إمكانية الوصول الجغرافي: ضمان أن تكون المرافق والسلع والخدمات الصحية في المتناول الجغرافي والآمن لجميع فئات السكان، خاصةً الفئات الضعيفة أو المهمشة، والأقليات الإثنية والشعوب الأصلية، والنساء، والأطفال، والمراهقين، وكبار السن، والمعوقين والأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. كما أن إمكانية الوصول تعني ضمنياً أن تكون الخدمات الطبية والمقومات الأساسية للصحة، مثل مياه الشرب المأمونة ومرافق الإصحاح الكافية، في المتناول المادي والآمن للسكان بما في ذلك سكان المناطق الريفية.
ج. الإمكانية الاقتصادية للحصول عليها (القدرة على تحمل نفقاتها) : أن يتمكن الجميع من تحمل نفقات المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة. والخدمات المرتبطة بالمقومات الأساسية للصحة، على أساس مبدأ الإنصاف، الذي يكفل القدرة للجميع، بما فيهم الفئات المحرومة والفقيرة من دفع تكلفة هذه الخدمات سواءً أكانت مقدمة من القطاع الخاص أو من القطاع العام.
د.إمكانية الوصول إلى المعلومات: تشمل هذه الإمكانية الحق في الوصول والحصول على المعلومات الصحية غير أنه لا ينبغي لإمكانية الوصول إلى المعلومات أن تؤثر على الحق في معاملة البيانات الصحية الشخصية بسرية.
3- المقبولية: إذ يجب أن تكون كافة المرافق والسلع والخدمات الطبية متفقة مع المعايير الأخلاقية الطبية والقيم الثقافية، وإحترام ثقافة الأفراد، والأقليات، والشعوب، والمجتمعات، ومراعية لمتطلبات الجنسين مع إحترام السرية للأفراد.
4- الجودة: أن تكون المرافق الصحية ذات جودة عالية وكفاءة مهنية مميزة وذلك من خلال أطباء ومهنيين مهرة، مع توفر العقاقير والمعدات للمستشفيات.
في هذا الكتيب تم العمل على مراجعة وتحليل وتأصيل الحق في الصحة والتدرج فيه وفق المواثيق الدولية في محاولة لتعزيز المفهوم وتعزيز الوعي به على كافة المستويات، أملين أن يكون مفيدا ًلمراجعيه ومتابعيه، ومنارةً تضئ طريق المدافعين عن الحق في الصحة.


أ.شذى عودة
مدير عام لجان العمل الصحي